0






عندما يُصبح الشغف و الإبداع جزءاً من سلوك منسجم مع صاحبه الواقف أمام الحياة مثيراً كل الأسئلة السهلة الممتنعة وهو يبحث عن فكرة و إستنتاج جديد ومختلف ، وعندما تخرج الثقافة المسرحية عن كونها لباساً و إسماً وشهادةً تحتفي بها الجدران  فقط ، وعندما تهرب الكتب والمعرفة لتسكن في أداءٍ لتشبعه بالحنكة و سرعة البديهة ، وفي دماغٍ لايشبع من الأسئلة والحرج فأنت تقفُ دون شكٍ أمام عبقريةٍ مستحقة، فإذا كان المسرح أبو الفنون ، فهذا الشّاب هو إبنه البارّ ! 

هو الشاب جوزيف الخوري ممثّل، مخرج مسرحيّ، مغنّي ومدرّب فنّي في العديد من المؤسسات والجمعيات في لبنان ، خرّيج قسم المسرح في كليّة الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللّبنانية ، وهو في صدد التّحضير لرسالة الماجستير البحثية في معهد الدّراسات المسرحيّة والسّمعيّة المرئيّة والسينمائية- جامعة القديس يوسف. معدّ نصوص شارك في ملتقى أوائل المسرح العربي ضمن فعاليات أيام الشّارقة المسرحيّة عام ٢٠١٧. معدّ ،منظّم ومقدّم مسابقة صدى الزّمن الجميل، و هي مسابقة غنائية للهواة اقيمت في منطقة عكّار شمال لبنان ، هدفها إحياء أغاني الزمن الجميل في الفنّ اللبناني . درس الغناء الشّرقي ومازال يتابع ذلك حتى يومنا هذا . من أعماله إخراجاً و إعداداً نسينا الرّزنامة، عالبحر، شو مخبّى المكتوب؟! ... تمثيلاً : نسينا الرّزنامة، عالبحر، البرغشة،  الكندرجيّة العجيبة ، في عرض البحر ، إضافة لعدة أفلام طلابية قصيرة ..



- بدايةً كيف عرف المسرح طريقه الى جوزيف ؟

البداية كانت على مسرح المدرسة ، سواءً كان تمثيلاً أو غناءً ، فأوّل وقوفٍ لي على المسرح كان في عمر الخمس سنوات بدور الشّاويش من مسرحية الشخص للأخوين الرحباني، و منذ ذلك الحين عَزمت على المضيّ في هذا الدرب.

- بما أنك فنان أكاديمي ، كيف ترى وضع المسرح الجامعي تحديداً هل يمكن أن نتحدث عن ازدهار أم عن انكسار؟ 

يمكننا التكلم عن ازدهار في السنوات الثلاث الأخيرة ، خاصّةً أن امتحانات الفصل الأخير في الجامعات تكون بعرض مسرحي متكامل ، مع إمكانية تأمين مسارح كبيرة لطلاب التخرّج لعرض أعمالهم مثل: مسرح دوّار الشّمس و غيره.

- و كيف تصنّف لنا واقع المشهد المسرحي اللبناني في ظِلّ الظروف المعيشية و السياسية المعقدة ؟

للأسف.. المسرح مهمل كثيراً من قبل الدولة والمعنيين ، و حتى من قبل الشعب نفسه أي أنه يعتبر المسرح من الكماليات وهذا الإهمال هو بشكل أساسي بسبب الأوضاع السياسية و الإقتصادية التي تحرم المسرح من روّاده و محبّيه . لكن في ظل كل هذا الإهمال وإنعدام الدعم نشهد إنتاجات وعروض متنوعة ومهمة على صعيد المواضيع والإخراج والنوع المسرحي .

-هل تبحث عن حقيقة ما في المسرح؟ هل وجدتها واعليتها في المكان؟ وهل تعتبر انك قلت كل ما تريده في المسرح؟ 

"المسرح بحدّ ذاته هو أكبر حقيقة" و دائماً أبحث عن مواضيع واقعية للمسرحيات ، تزيد طرح التّساؤلات عند المشاهد ، بمعنى آخر أحرص على أن يستطيع الموضوع و طريقة طرحه لمس كل المشاهدين بإختلافِ أعمارهم وثقافتهم . 
طبعاً لم أقل كل شيء فالمسرح رحلة استكشاف ما زلت في بدايتها ، و مع كل خطوة هناك الكثير يجب أن يقال . 

- ما منظورك لثنائية الهواية – الاحتراف؟

لا نستطيع إنكار فكرة أن الكثير من الناس مواهبهم تسبقهم كما يقول المثل الشعبي ، و في الكثير من الأحيان تتحوّل الهواية لإحتراف عندما يتم تدعيمها بالتمرينات و المتابعة غير الأكاديمية، ولكن الأفضلية يجب أن تكون للمتخصّصين أكاديمياً ، سواءً بالتّمثيل أو الإخراج، لأنهم في الأساس ربطوا حياتهم في هذا الطريق ، وبرأيي الشخصي مهما تمرّن الهاوي وشارك بورش عمل يبقى لديه حلقة مفقودة ، غير موجودة إلّا عند أصحاب الإختصاص . 

-ما الذي يغريك في تجربة الإخراج؟ وما طبيعة الإخراج الذي يشد اهتمامك؟ 

أجمل ما في الإخراج هو لذّة الإكتشاف والخَلق ... إكتشاف طاقات الممثّلين، إكتشاف قدرات المخيّلة أي لأي مدى أستطيع تحوّيل النص من مكتوب لحيّ ومُعاش ، وهنا تكمن المتعة ، عندما يخرج المشهد كما رسمته من الأوراق الى خشبة المسرح . 

-ما سر استقرار أعمالك ضمن عكار ؟ و هل تتلقى الدعم ضمن المنطقة ؟ 





فعلياً أعمالي غير مستقرّة في عكّار إنما معظمها في ضمن نطاقها . فقد عملت كمدرّب لهواة تمثيل في منطقة طرابلس و وقمت بإخراج وإعداد الممثّلين في مسرحيّة "شو مخبّى المكتوب؟!" التي  عرضت على مسرح بيت الفنّ- طرابلس. بالإضافة لأعمال تمثيلية في بيروت كمسرحية "البرغشة" التي عرضت على مسرح مونو ٢٠ عرضاً . ولكن لاشك أن اهتمامي الأوّل هو بمنطقتي التي انطلقت منها، ولأنني أعرف كم هي بحاجةٍ لتحريك عجلتها الثقافيّة وخاصّةً في مجال الفنون و المسرح لإنعدامهم فيها .. و أعرف تعطش أهل عكار و حبّهم للفن والدّليل مسرحيّة "نسينا الرّزنامة" التي عرضت منذ حوالي الشهّرين ، حيث امتلأت كل المقاعد في العرضيّن و طُلب منّا عروض إضافية من الناس الذين لم يحظوا بفرصة مشاهدة العرض.

والدّعم المعنوي دائماً موجود وهذا أساس الاستمراريّة، محبّة النّاس ودعمهم لي و بإيمانهم بموهبتي الفنيّة وهذه نعمةٌ كبيرة أشكر الله عليها. أما في ما يخص الدّعم المادّي في بعض الأحيان أجد جهات تدعم و تشجّع و أحياناً اخرى لا ، و في هذه الحالة أتكل على نفسي وعلى أهلي الدّاعمين لي منذ الصّغر ، فلم أشعر يوماً أن المادة تقف عائقاً في وجه أعمالي .

-هل يمكن أن نرى عملاً مسرحية بشباب عكاري يخرج نحو المهرجانات الدولية ؟

لا أستبعد الأمر ، من الممكن جداً في ظل وجود هذه الطاقات و تظافر الجهود .

-إلى ماذا يطمح جوزيف الخوري ؟ هل العمل ضمن منطقة عكار هو جزء من هذا الطموح ؟

حتماً عكّار دائماً لها حصّة في مسيرتي الفنيّة، وسأبقى داعماً لكل أصحاب المواهب فيها، ولكن لن أحصر طموحي ضمن منطقتي فقط، بل أطمح لنشر أعمالي لأوسع جمهور ، في لبنان، والعالم العربي، ومن يدري ممكن في العالم كله ؟ لا أحد يعمل ماذا تخبئ له الأيام و كيف ستأتي الفرصة و لحينها سأبقى متمسكاً بالإصرار و الشغف و القناعة. 
- ما هي أعمالك القادمة ؟ 
بإذن الله بعد أشهر قليل سيكون بحثي الأول بمجال العلوم المسرحيّة جاهزاً ، وهو يتناول موضوع دراماتورجيا الحلم في المسرح، مع مقاربة ومقارنة بين ظهور الحلم في النّصوص المسرحيّة قبل نشأة علم النّفس الحديث وبعده ... 
و عند تحسّن الأوضاع و انجلاء هذه الأزمة الصحية التي يمر بها العالم سنبدأ بتصوير Sitcom كوميدي بعنوان "يوميّات أستاذ أنيس" و سيتّم عرضه عبر صفحاتي على السّوشيل ميديا: 
Facebook: Joseph El Khoury Artistic Page 
Instagram: josephelkhouryofficialpage 
Youtube: Joseph El Khoury 
كما أنّي مصمّم على التّحضير للموسم الثّاني من مسابقة "صدى الزّمن الجميل" بناءً على رغبة النّاس ورغبتي.

بدوّره اختتم الخوري حواره معنا بالقول :  أتمنّى عندما تنتهي هذه الأزمة الصحية العالمية وتعود الأمور لمجراها و نعود لحياتنا الطبيعية أن يكون كل شخص منّا قد أدرك قيمة المحبّة في الحياة: محبّة العائلة التي تشكل الدّعم والسند الأول والأبدي، محبّة أعمالنا ، محبة أصدقائنا ... و أن نفتح قلوبنا لمحبّة المسرح و نقدّر قيمته في حياة، لأنّه الوحيد القادر على ترجمة الحقائق بصدق لمساعدتنا على فهم الحياة أكثر وأكثر..

نهى أحمد ديب
٣ أبريل ٢٠٢٠

إرسال تعليق

 
الى الاعلى